الغاية النبيلة لا تحققها وسيلة ذليلة

الغاية النبيلة لا تحققها وسيلة ذليلة
رأي الاستقلال

كتب رئيس التحرير خالد صادق
السلام في زماننا لا يأتي بالاستجداء ولا ينجح بالرضوخ لمطالب الاعداء ولا يدوم ان كان الطرف الاضعف مستمرا في التراجع عن مطالبه لان استرضاء العدو بأي ثمن هو اقرب الطرق الى الحرب كما يقول الساسة الخبراء التهافت على الطلب مثير للطمع ولان الغاية النبيلة لا تحققها وسيلة ذليلة فأول قوانين الصراع انه حين يرضى طرف لنفسه ان يستجدي فان الطرف الاخر مدعو ان يستقوي وتلك طبائع اشياء قبل ان تكون قوانين صراع.
فعلى سبيل المثال السلطة الفلسطينية قدمت كل اشكال التنازلات لصالح الاحتلال الصهيوني ظنا منها ان هذا سيلبي مطالبها بتطبيق الاتفاقات الموقعة بينها وبين اسرائيل. لكن اسرائيل كانت دائما تنظر لهذه التنازلات على انها ضعف يتملك السلطة ويعتريها وانه يمكن كسب المزيد منها بالتشدد والتعنت والمراوغة والتأديب وبقيت السلطة تنتقل من حالة الى حالة اخرى اكثر استسلاما واذلالا حتى وصلت الى ما وصلت اليه الان حيث لم يشأ نتنياهو لها ان تدير اوضاع المدنيين في قطاع غزة وقوضت سلطتها في الضفة الى حد كبير وبدت امام الفلسطينيين انها اداة لخدمة الاحتلال من خلال التنسيق الامني الذي اثر كثيرا على صورتها لدى الفلسطينيين وخرج رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس ليقول اننا بساطير تحت اقدام الاحتلال ليدلل على الحالة التي اوصلت السلطة الى هذا التصريح المذل وهو ما سعى الاحتلال اليه منذ توقيع اتفاق اوسلو مع السلطة فزادت اطماع اسرائيل الى حد اعتبار الضفة الغربية المحتلة -يهودا والسامرة- جزء من ارض اسرائيل وهو التفاف واضح وصريح على اتفاق اوسلو وملحقاته وتنصل اسرائيلي واضح من كل الاتفاقيات الدولية التي وقعتها مع السلطة. المقاومة الفلسطينية وقعت اتفاق تهدئة مع الاحتلال الصهيوني هذا الاتفاق رعته عدة دول بما فيها الادارة الامريكية لكن اسرائيل كعادتها دائما تخرق الاتفاق باستمرار بالاستهداف والقتل وتوسيع ما تسمى بالمنطقة الصفراء ومنع ادخال المساعدات لقطاع غزة وتشديد الحصار الى حد كبير بهدف قتل كل اشكال الحياة في قطاع غزة رغبة في تمرير مخطط التهجير . ويبدو ان موقف الفصائل الفلسطينية الذي يحاول ان يحافظ على التهدئة منعا لاعطاء اسرائيل فرصة للعودة للابادة الجماعية استغلته اسرائيل لاستمرار القتل وعدم التقيد باتفاق التهدئة وتشديد الخناق على سكان القطاع وهى ماضية في سياستها التعسفية رغم الجهود التي بذلها ويبذلها الوسطاء لوقف خروقاتها. لكن الموقف الضعيف للادارة الامريكية في مواجهة خروقات اسرائيل شجع الاخيرة على التمادي في خروقاتها الى ابعد حد والمقاومة تشعر بمسؤولية تجاه الشعب الفلسطيني سواء بعدم اعطاء اسرائيل فرصة بالعودة للقتل او التصدي لخروقات الاحتلال والرد على جرائمه وما بين هذا وذاك تبقى الايام القادمة حبلى بالاحداث مع سعي حثيث من الوسطاء للدخول في المرحلة الثانية من الاتفاق والتي يحاول نتنياهو افشالها بكل الطرق والوسائل وربما يؤدي تطبيق المرحلة الثانية من الاتفاق للحد من خروقات الاحتلال ووقف جرائم القتل. لكن اسرائيل تتذرع دائما بتجريد المقاومة الفلسطينية من سلاحها كي توافق على تنفيذ المرحلة الثانية من الاتفاق. ويبقى الجهد مستمرا من الوسطاء بالتواصل مع الادارة الامريكية لالزام اسرائيل بالوصول للمرحلة الثانية ولا يمكن التنبؤ بحقيقة الموقف الامريكي ولا حجم الضغط الممارس على اسرائيل للالتزام بالاتفاقات الموقعة وفي كل الاحوال تبقى الغاية النبيلة لا تتحقق بوسيلة ذليلة ومهما تجبرت اسرائيل والادارة الامريكية.

التعليقات : 0

إضافة تعليق